موقع يوتيوب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

موقع يوتيوب

يوتيوب - YouTube - مقاطع يوتيوب - موقع يوتيوب - فيديو يوتيوب
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخوليوتيوب

 

 الروائي التركي اورهان باموك -مقاطع من بعض رواياته

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
kanaan
{{}} مشرف {{}}
{{}} مشرف {{}}
kanaan


ذكر عدد الرسائل : 533
البلد : Yiebna
الوظيفة : Critic
تاريخ التسجيل : 12/07/2007

الروائي التركي اورهان باموك -مقاطع من بعض رواياته Empty
مُساهمةموضوع: الروائي التركي اورهان باموك -مقاطع من بعض رواياته   الروائي التركي اورهان باموك -مقاطع من بعض رواياته I_icon_minitimeالأحد أغسطس 26, 2007 7:51 am


المنظر والكلب في الطريق

المنظر
كان نهارا حار ا وأنا وطفلتي رؤيا التي تبلغ الخامسة من العمر متوجهين نحو جزيرة (بويوكادا) في رحلة بعربة يجرها حصان . جلست في الخلف وكانت ابنتي تجلس بمواجهتي وكانت تنظر إلى الطريق الرئيس وقد مررنا بحدائق مليئة بالأشجار والأزهار وبالجدران الواطئة والبيوت الخشبية ومزارع الخضار .
وفيما كانت العربة تتمايل في الطريق كنت أراقب وجه ابنتي باحثا في تقاطيعه عن بعض الأحاسيس فيما تراه في هذا العالم من حولها .

الأشياء، المواضيع، الأشجار والجدران، الملصقات، الشوارع والقطط. كان الإسفلت حارا كما لم يكن من قبل ثم بدأنا نرتقي التل والجياد مرهقة والحوذي يشد سوطه.
تباطأت العربة، نظرت إلى البيت كما لو أن العالم يتدفق بعيدا عنا وبدا كما لو أنني وابنتي ننظر إلى نفس الأشياء .
نظرنا إليها واحدا تلو الآخر :الأوراق،برميل النفايات، الكرة، الحصان، الطفل، البيت، الدراجة وكذلك اخضرار الأوراق، احمرار برميل النفايات، الطريقة التي تثب بها الكرة، حركات الحصان، وجه الطفل .
كل من هذه الأشياء تبتعد فلم نكن في الحقيقة ننظر إليها، على أية حال لكن عيوننا استمرت بالحراك .
لم نكن - على أية حال – ننظر إلى أي جزء من هذا الحر، عالم ما بعد الظهر. لقد كنا ننزلق في الحرارة، ويبدوا العالم ضئيلا وهو يتبخر أمام عيوننا، كما لو أننا ننجرف من أنفسنا ونرى الأشياء ولا نراها .
العالم يستحم بألوان الحرارة وفي أذهاننا نستطيع رؤية ذلك أيضا .
مررنا بالغابة لكن حتى هناك لم يكن الجو معتدلا . وبدت الأشجار كما لو أنها تشع بالحرارة .
وحينما بدأ الطريق يضيق أبطأت الجياد أكثر وسمعنا أزيز الحشرات ثم عندما بدأ الطريق كما لو أنه يختفي بين الأشجار رأينا المنظر.
(برررس!!!) صرخ الحوذي لإيقاف الجياد وقال :- لندعها تستريح .
كنا على حافة المنحدر وتحتنا الصخور، البحر والسحب المنتشرة، الجزر الأخرى، يا له من بحر ازرق جميل والشمس تتألق على سطحه، كل شيء كان في مكانه الذي يجب أن يكون، لامعا ومتألقا وقبلنا كان العالم منظما بشكل مثالي. رؤيا وأنا تأملناه بصمت.
أشعل الحوذي سيكارته، وكنا نشم دخانها .
لماذا كان جميلا جدا هذا المنظر من العالم ؟ ربما لأننا نستطيع رؤيته كليا . ربما لو سقطنا من المنحدر سنموت . ربما لايبدو فيه شيئا سيئا على البعد وربما لأننا لم نراه من هذا الارتفاع .
إذن ماذا كنا نفعل هنا ؟ في هذا العالم ؟
سألت رؤيا :- هل هو جميل ؟ ما الذي يجعله جميلا ؟
لو أننا سقطنا من الحافة، هل سنموت ؟
نعم ، سنموت
ولبرهة كانت تحدق إلى المنحدر بخوف ثم أحست بالضجر .
المنحدر، البحر، الصخور لا تتغير ، لا تتحرك . ضجر .
ثم ظهر كلب ( كلب !!) رددنا سويا . كان يهز ذيله ويتحرك . وتحرك اهتمامنا إليه وكلا منا لم يعد ينظر إلى المنظر مرة ثانية .
ما أعرفه عن الكلاب
???????????
كان كلبا بلون الطين، لاشيء فيه غير اعتيادي . كان يهز ذيله، حزين العينين .
لم يشممنا كما تفعل الكلاب الفضولية . لقد استعمل عينيه الحزينتين لمحاولة التعرف علينا وعندما فعل ذلك دس انفه الرطب بالعربة .
صمت
كانت رؤيا خائفة وسحبت قدميها وهي تنظر إلي . فهمست ( لا تخافي) وانتقلت إلى مقعد رؤيا .
تراجع الكلب، وكلانا تفحصناه جيدا أيضا . مخلوق بأربعة أرجل، لماذا كان يجب أن يكون كلبا ؟ أغمضت عيني .
وبدأت أفكر حول لماذا كان يجب أن يكون كلبا، وحاولت أن استعيد كل الأشياء التي أعرفها عن الكلاب .
1. أخبرني أحد أصدقائي مؤخرا وكان مهندسا كيف أنه باع كلب من فصيلة (سيفاس كنغال) إلى بعض الأمريكيين .
وقد صور الكلب في كراس وأراني إياه، لقد كان قويا، لطيفا، كنغاليا وفيا والتعليق يقول ( أهلا ، أنا كنغالي تركي، طولي هذا العدد من السنتيمترات، وعمري هذا العدد من السنين، وأنا بهذا الذكاء، وهذا هي تنشئتي .
وقبل فترة ضاع صديقنا فتتبعنا رائحته لستمائة كيلو متر إلى أن وجدناه ولهذا ترى كم نحن أذكياء و أوفياء ) الخ .
2. الكلاب في تركيا روايات مصورة، والكلاب التي تترجم إلى التركية تنبح بصوت (هاف) بينما الكلاب في القصص الأجنبية المصورة تنبح بصوت (ووف).
ذلك كل ما استطيع تذكره عن الكلاب . لقد حاولت، لكن لاشيء خطر في بالي ماعدا،طبعا، أن الكلاب تكشر أسنانها وتهرّ…..
صاحت رؤيا ” أبي، ماذا تفعل ؟ لا تغلق عينيك بهذا الشكل . لقد ضجرت”.
فتحت عيني وصحت (أيها الحوذي من أين هذا الكلب ؟ ).
أجاب متسائلا :- أين هو الكلب، أريته إياه
قال: - هذه الكلاب تأتي رأسا إلى النفايات . نظر الكلب مباشرة أمامه كما لو أنه يعرف أننا نتحدث عنه .
” تتجول جائعة في الشتاء وتعاني
تمزق بعضها البعض لزمن طويل
ولا يتحدث عنها أحد ”
قالت رؤيا ” أبي، لقد ضجرت
فقلت ” أيها الحوذي لنذهب “.
وعندما بدأت العربة بالتحرك، تحول انتباه رؤيا إلى الأشجار والبحر والطريق ونستني أيضا . حصل ذلك عندما أغمضت عيني مرة ثانية محاولا أن أتذكر ما أعرفه عن الكلاب .
3. مرة كان هنالك كلب أحببته، لقد تسمم ومات وإذا مرت فترة طويلة لم يرني فيها، كان ذلك الكلب يبدو سعيدا جدا وهو يجلس على مؤخرته انتظارا لأربت عليه وعندما أفعل ذلك يبلل نفسه .
4. من السهل أن ترسم كلبا .
5. كان لدي صديق يعيش في الجوار وكان هنالك كلب ينبح بغضب على أي فقير يمر أمامه لكنه كان يدع الغني يمر بصمت .
6. صوت كلب يجر سلسلته المكسورة على الأرض يخيفني . لابد أنه يذكرني بشيء مؤلم .
7. الكلب القابع هناك لم يتبعنا .
فتحت عيني وأدركت أن الناس في الحقيقة لا يتذكرون سوى القليل ويجب علي رؤية عشرات الآلاف من الكلاب في هذا العالم ، وحينما انظر إليهم سيصعقني منظرهم الجميل .
والعالم يفاجئنا دائما بنفس الطريقة . انه هنا، هناك، بجانبنا تماما ثم يذبل وكل شيء يتحول إلى لاشيء .
8 . بعد سنتين من كتابتي لهذه القطعة، هوجمت من قبل مجموعة من الكلاب في حديقة باكا العامة.
لقد عضتني فاضطررت إلى أخذ خمس حقن في مستشفى سلطان أحمد لداء الكلب .





ترجمة : عمار كاظم محمد
• ترجمها عن التركية :- مورين فريلي
• نشرت باللغة الانكليزية في مجلة (New Yorker) آذار 2007



عدل سابقا من قبل في الأحد أغسطس 26, 2007 7:54 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://lorca.ahlablog.com/
kanaan
{{}} مشرف {{}}
{{}} مشرف {{}}
kanaan


ذكر عدد الرسائل : 533
البلد : Yiebna
الوظيفة : Critic
تاريخ التسجيل : 12/07/2007

الروائي التركي اورهان باموك -مقاطع من بعض رواياته Empty
مُساهمةموضوع: رد: الروائي التركي اورهان باموك -مقاطع من بعض رواياته   الروائي التركي اورهان باموك -مقاطع من بعض رواياته I_icon_minitimeالأحد أغسطس 26, 2007 7:52 am



الْخُروجُ على قَوانينِ المرور، اختبارُ الحرِّية




كنا بأحد التاكسيات في حي فقير بالضواحي الجنوبية لمدينة طهران. ومن خلال النافذة كنت قادراً علي رؤية صف من ‘ورش’ إصلاح الدراجات والسيارات. و لأن اليوم هو الجمعة، كانت جميع هذه الورش مغلقة وبدت الشوارع والأرصفة والمقاهي كذلك خالية.
اتجهنا إلى ميدان ضخم وخال، كان دائريا وفق النمط المنتشر بكل المدينة وهكذا كان لزاما علينا أن نتحول إلى اليمين وندور دورة كاملة لنصل إلى شارع يقع إلى يسارنا مباشرة.وسرعان ما لاحظت أن السائق ينتوي أن ينحرف مباشرة إلى اليسار، فلقد كان يتلفت ليري هل هناك سيارات أخرى تعبر الميدان. كان يفكر هل تجب عليه طاعة القانون، أم يستخدم عقله للتحايل عليه كما يفضل دائما عندما تفاجئه الحياة بأحد التحديات؟

وتذكرت كيف كنت أواجه نفس المأزق وأنا شاب عندما كنت أقوم بالقيادة في شوارع ‘استانبول’. كنت سائقا نموذجيا بالشوارع الرئيسية ‘تلك التي يصفها الصحفيون بـ ‘الغارقة في الفوضى المرورية’، لكن بمجرد أن اتجه بسيارة والدي إلى الشوارع الخلفية المرصوفة بالقرميد، كنت أتجاهل كل القواعد وأتصرف كما يحلو لي كانت إطاعة لافتة ‘ممنوع الاتجاه يسارا’ في شارع خلفي وفي عدم وجود سيارة أخرى أو الوقوف قبيل الميدان بانتظار تغير لون الإشارة إلى الأخضر، كانت بمثابة الاستسلام لسلطة لم تقدم أية امتيازات لمن يتسمون بالنشاط والذكاء.
كنا نتعالى علي من يطيع القانون حرفيا في تلك الآونة، فالناس لا يقومون بذلك إلا في حالة الافتقار للعقل أو الخيال أو الشخصية.
فإذا كنت علي استعداد لإطاعة الإشارة الحمراء عند تقاطع خال، فأنت من ذلك النوع الذي يحرص علي إفراغ أنبوب المعجون بالضغط علي نهايته، و لا يتناول أي دواء قبل الاطلاع علي النشرة جيدا. واذكر أن شكوكنا تجاه هذا النهج عبر عنه رسم كاريكاتيري بإحدى المجلات الغربية خلال فترة الستينات : سائق بانتظار الإشارة الخضراء وسط صحراء أمريكية، وهو يحدق في الطريق الخالية أمامه حتى ابعد نقطة يستطيع أن يراها.
وعند العودة إلى ‘استانبول’ خلال الفترة من خمسينات إلى ثمانينات القرن الماضي، يتبدي لي أن ازدراءنا لقوانين الطرق السريعة كان أكثر من مجرد ميل للفوضى كان شكلا خبيثا من الفكر القومي المعادي للغرب.
فعندما كنا نتأكد أن الغرباء بيننا، يكشف النظام القديم عن نفسه ونصبح قادرين علي القيام بحيلنا القديمة وخلال ستينات وسبعينات القرن الماضي، كان المرء يشعر بفورة الحس القومي عندما يستخدم مسمارا محليا في لم أجزاء تليفون معطوب أو بأن يجعل مذياعا ألمانيا إصلاحه متعذر يعمل بضربة قبضته.
كانت اعمال من هذا النوع تجعلنا نشعر بالاختلاف عن هؤلاء الغربيين الذين يكنون تلك المهابة من قواعد التكنولوجيا والثقافة، كانوا يذكروننا كم نحن عالميون و واسعو الحيلة.
لكن بينما كنت علي حافة هذا الميدان بإحدى ضواحي طهران، أتابع السائق في تردده بين الطاعة وسعة الحيلة البرجماتية، استطعت أن أخمن أن ذلك الرجل، وقد عرفته كفاية حينئذ لم تكن به ادني رغبة في القيام بعمل قومي كانت مشكلته عالمية أكثر، كنا في عجلة من أمرنا ولذلك بدا الدوران حول الميدان مضيعة للوقت، لكنه ظل يتابع في تحفر الطرقات المؤدية الميدان لأنه أدرك أن التعجل في اتخاذ القرار قد يفضي إلى الاصطدام بسيارة أخرى.
أما أمس عندما كنا في خضم فوضى مرورية نتابع ذلك التتابع المدهش للسيارات، اشتكي لك هذا الرجل انه في طهران لا يحترم القانون احد ثم أضاف هو يبتسم، لكننا طوال اليوم عالقون في التكدس المروري. نحدق في السيارات ‘البايكان’ محلية الصنع ذات الجوانب المضعضعة ونتابع سائقيها وهم يصرخون ويتبادلون السباب و نسخر منهم كما لو كنا بحق ننتمي إلى هؤلاء المتمدينين الذين يعتقدون في أهمية القوانين المرورية للطرق السريعة.
و الآن بمقدوري أن المح بعض التوتر خلف ابتسامة السائق وهو يحاول أن يقرر هل يقوم بهذا الدوران غير القانوني أم لا.
وتذكرت أن نفس التوتر كان ينتابني أثناء مجاهدتي للقيادة عبر شوارع استانبول المزدحمة في فترة شبابي، وكذلك كنت اشعر بالوحدة.
فسائقنا وهو يفكر في التنازل عما يوفره القانون من فوائد وحماية لأجل توفير بعض الوقت، أدرك انه مقبل علي اتخاذ ذلك القرار بمفرده وهكذا كان عليه أن يستعرض سريعا قدر استطاعته، كل الاحتمالات المتاحة أمامه قبل إن يقرر علي ضوء ذلك ما سيقوم به، وقد أدرك تماما انه وحده من سيتحمل المسئولية كاملة عن مصيره ومصير من يحيطون به.
ومن الممكن القول بأن سائقنا وهو يكسر القواعد ويختار الحرية، إنما يأخذ قرارا يخصه وحده ولكن حتى لو كان سائقنا لم يحظ بحرية اتخاذ القرار، فهو يعرف المدينة وسائقيها بما يكفي ليدرك أن قدره الشعور بالوحدة طالما ظل سائقا في مدينة طهران. لأنه حتى لو قررت احترام قوانين المرور الحديثة، سيقوم آخرون مثلك لكنهم أكثر نفعية تجاهلها.
وخارج مركز المدينة يتحتم علي كل سائق في طهران عند التقاطعات أن يبدي انتباها ليس فقط تجاه إشارات المرور وقوانينه بل تجاه أي سائق اختار إن يتجاهلها وبينما في الغرب فإن السائق يستطيع الانتقال من حارة مرورية إلى أخرى وهو واثق أن الجميع حوله يحترمون القواعد، مما يسمح له أن يستمع للموسيقي والتحليق بأفكاره، فإن السائق في طهران يشعر بحرية من نوع آخر، لكنها لا توفر له أي شعور بالسلام والطمأنينة.
***
وعندما توجهت لزيارة طهران في مايو الماضي، ورأيت قدر الفوضى والدمار الذي تسبب فيه السائقون أنفسهم خلال اندفاعهم الغاضب والبارع حتى لا يستسلموا لقواعد المرور التي تسلبهم استقلالهم، تبين لي مدي التناقض بين شطحاتهم الفردية في اختراق القانون وبين القوانين الدينية التي تفرضها الدولة وتسير بقية شئون الحياة في المدينة ويسهم ذلك في خلق انطباع بأنه في الحياة العامة والشوارع يقاسمون الديكتاتورية المتأسلمة طريقة التفكير ذاتها عندما تقرر أن تغطي وجوه النساء وتراقب الكتب وتملأ السجون وتلصق تلك الملصقات الضخمة لهؤلاء الأبطال الذين ضحوا بأنفسهم من أجل وطنهم وعقيدتهم تلصقها علي واجهات البنايات المرتفعة في المدينة والغريب انه أثناء المجاهدة للمرور خلال هذا التكدس المروري، والاستعانة بسائقي المدينة الذين لا يحترمون قانون المرور، عندئذ تشعر بحضور الدين حضورا واضحا ورائعا.
فبينما تفرض الدولة علي الجميع أن يطيعوا القوانين المستمدة من الكتاب المقدس ‘القرآن’ ودون رحمة تقوم بتطبيق هذه القوانين بزعم الحفاظ علي الوحدة القومية، والإعلان في وضوح أن كل من يصبو إلى كسر هذه القوانين سينتهي به الحال في السجن، فإن السائقين ورغم معرفتهم بأن الدولة تراقبهم لا يحترمون قوانين المرور بالطرق السريعة أو يتوقعون أن سواهم سيفعل ذلك، بل أنهم يرون الطريق مكانا يستطيعون فيه اختبار حدود حريتهم وخيالهم وبراعتهم.
وفي لقاءاتي بالمثقفين الإيرانيين، رأيت تجليات لنفس التناقض، فهم يرون أن حرياتهم تتعرض لانتقاص شديد بما فرضته الدولة من قوانين ذات طابع ديني علي الشوارع والأسواق والطرقات الرئيسية بالمدينة وغيرها من الأماكن العامة. و لا أستطيع إخفاء إعجابي : دون قدرة على المعاونة، تجاه محاولاتهم لإثبات أنهم لا يعيشون في ألمانيا النازية أو روسيا الستالينية، وذلك بأن يكشفوا لي قدرتهم علي مناقشة ما يشاءون، وارتداء ما يحلو لهم وتناول أية كمية من الكحول المهرب وذلك خلف الأبواب المغلقة لمنازلهم.
***
في الصفحات الأخيرة من رواية ‘لوليتا’، وبعد أن قام ‘همبرت’ بقتل ‘كويلتي’ وفر هاربا بسيارته من موقع الجريمة، كان واضحا أمام القارئ انه انحرف فجأة إلى الحارة التي علي يساره. وخشية أن يساء فهمه ينبه ‘همبرت’ القارئ بخفة حتى لا يتصور أن الانحراف المفاجئ لليسار كان فعلا رمزيا يدل علي الثورة فبعد أن قام بإغواء فتاة لم تزل طفلة، وبعد ارتكابه لتلك الجريمة، يكون قد انتهك أعظم القوانين الإنسانية، وتلك هي عبقرية حكاية ‘همبرت’ والرواية ذاتها فمن الصفحة الأولى ونحن نشاركه إثمه وحده.
وبعد تردده في اتخاذ القرار بإحدى ضواحي طهران، اختار صديقي السائق أن يسلك الطريق المختصرة، واتجه إلى الحارة المخالفة دون أن يتسبب في أية حادثة* تماما مثلما فعلت مرارا خلال شبابي في شوارع استانبول* وشعرنا كلانا بتلك الهزة التي تنتج عند كسر قاعدة، وشعرنا بأننا مهرة للغاية وتبادلنا الابتسام أما الشئ المحزن معرفتنا ‘مثل ‘همبرت’ الذي كان بارعا للغاية في تغطية لغته بغلالة شفافة وإخفاء آثامه، وكذلك مثل سكان طهران الذين عثروا علي وسائل عديدة للتحايل علي الشريعة داخل بيوتهم، أننا لا نستطيع انتهاك القانون إلا ونحن خلف عجلة القيادة، وان القوانين التي ننتهكها تتحكم في المرور فقط..!!
[/url]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://lorca.ahlablog.com/
 
الروائي التركي اورهان باموك -مقاطع من بعض رواياته
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع يوتيوب :: 

¤©§][§©¤][ الاقسام العامة ][¤©§][§©¤

 :: الملتقى الثقافي والادبي
-
انتقل الى: