عدد الرسائل : 533 البلد : Yiebna الوظيفة : Critic تاريخ التسجيل : 12/07/2007
موضوع: محمود درويش ما بعد بعد حيفا الثلاثاء أغسطس 21, 2007 5:54 pm
محمود درويش ما بعد بعد حيفا
تركي عامر الأحد 19/8/2007
محمود درويش، لن أعتذر عمّا فعلت. ولن أستأذن أحدًا في ما أنا فاعل. هذه ليست أنقودة مهنيّة خَرْج دوريّة علميّة، وليست مرافعة قضائيّة تليق بمحكمة موقّرة. مجرّد مدوّنة. بوحٌ غير منزّه عن تقرير وخطاب، مفتوح على جهات حضور وجهات غياب. فاصل: المدوّنة (blog)، لمن لا يقربون النّتّ (net) وهم حيارى (وأحرار)، مفكّرة افتراضيّة مشيولة في عبّ العنكبوت، يدوّن فيها "الدّواونجيّ" (blogger) ما يستطيع إليه سبيلَ ارتجالٍ وارتحال. ثمّ يدعو أترابه "النّتاتنة" للقراءة والتّعليق. وقد يصير بينهم خبز وملح افتراضيّان (virtual) عبر بريدكترون (email)، فيتشاططون (chat)، نَصْنَصَةً (text)/ مَكْرَفَةً (mic)/ وَبْكَمَةً (webcam)، على قارعة مرسال (messenger). محمود درويش، لا يختلف اثنان، محايدان أمّا خير (وحبر)، على أنّك من أجمل شعراء البشريّة، وأجمل العصافير، لا في العصر الحديث فحسب، بل في كلّ العصور. ولا أراني راغبًا، لزعمي، في إقامة حجّةٍ هنا. ولا راهبًا، في شرع الشّعر، حجّةً هناك. لست ناقدًا، لا احترافًا ولا اقترافًا. غير أنّي أعرف سرّ تميّزك. ولـ "خباثة"، أربّيها منذ "الخندق"، لن أكشف السّرّ لأحد، لا تحت هواء ولا فوق هواء. لا أراني أرتكب حماقة الكشف عن مركّبات خلطة لا شبيهة لها في كلّ الفصول (الماطرة وغير الماطرة). سأغفر لنفسي "أنانيّة" لا أحد منزّه عن إنزيمها الزّنيم. سأصون السّرّ مثلما أصون غيرَ أسرار منذ قرون. دون الكشف عن سرّ كيميائيّ كهذا، ثمّة من يباحطون، منذ عقود، على تخصيب قصائدهم لتصيرَ، اشتباهًا مشبوهًا، إلى بعض تَشَبُّه. وعندما يُشارُ إلى شِبْهِ شُبْهَةٍ لديهم، ترى إليهم على خاطرهم يأخذون. فكيف بهم لو عرفوا إلى السّر سبيلاً من زرّ؟! خلِّهم في كلّ عتمة يطحمسون، علّهم رائحة ضوء تشبههم يخترعون! لم أكن في حيفا. ولن ألتمس عذرًا، عملاً بوصيّتك الأبويّة: "لا تعتذر عمّا فعلت". حزنت، ولكن لم أشقّ ثوبي، لأنّي لم أستطع إلى (بطاقة) سبيلاً قبل نفاد. وحزنت، ولكن لم أقرقط أصابعي، لأنّي لم أستطع إلى "الجزيرة مباشر" سبيلاً من مِسْلاَط. فاصل إعلاني ونرجع تاني: مسلاط، هديّة (حَلال زَلال) لمجامع اللّغة العرباء، من خليج الألف إلى محيط الياء. مسلاط، نو مور ريموت كونترول آفتر هايفا. مسلاط، للتّنقّل السّريع من الهنا إلى الهناك مرورًا بالهنالك. مسلاط، متصفّح حَلال يحطّ على فضائيّات وينطّ عن فضائحيّات. وما أدراك ما الفضائحيّات! محمود درويش، كنت أريد أن أراك، أن أسمعك، أن أسلّم عليك، أن أعرّفني إليك، قبل أن أغادر أنا إلى رَحِم أمّ جديدة. فجوعي لخبز أمّي كافر (ودين كلب). وحنيني إلى قهوتها أكفر وأكلب "سَبْعَتَيْن" دون تقاطع. فاصل لا إعلاني: يَمَّا! رحل من ربّانا من بعدك. خوي محمّد مات، يا يمّا. كان في السّبعين، عاني الكثير والقليل. يمّا، بلال (لا تعرفينه)، ابن أخي حسين، كانت أصابته شظيّة كاتيوشا "استضافتها" قريتنا (حزيران 2006) في "حرب" غير ضروريّة ككلّ الحروب. كان محمّد في المستشفى. قالت لي دمعته (السّخيّة بالوراثة عن أبي): يا ريت كانت تطبّ فيّ. أتعبتكم كثيرًا، سامحوني! يمّا، أعود إلى صباح حزيرانيّ لعين (1969). تغادرين إلى المستشفى، تلدين أصغرنا علم الدّين، وبعد خمسة أيّام ترحلين. أتعتقدين أنّي لم أسمعك تقولين لمحمّد (ولم يكن ابنك): "دير بالك عا إخوتك، يمّا"؟! آآآآه، كم أنا مشتاق إليه وإليك، وإلى أبي الّذي أبى إلاّ أن يقلط المئة. ويختار سنة الموجة (تسونامي) لرحيل شاهد على عصر ضاق ذرعًا بالدّم والدّمع والدّمار والدّخان. محمود درويش! أنتَ تكبرُني بثلاثة عشرة شتاءً بتوقيت الأرض، وبسنة ضوئيّة بتوقيت القصيدة. عندما غادرتَ حيفا (دون بطاقة) كنتُ أنا هنا دون القصيدة. وعندما عدتَ إلى حيفا (دون القصيدة) كنتُ أنا هنا دون بطاقة. أفتح قوسًا من اختراعي: قليل من الغموض يفرّح قلب القصيدة. عمري، الآن هنا، نيّف ونصف قرن من بعض ريح. منها، ثلاثة عقود ونصف عقد من قلق، أعاقر بعض حبر وأقارع بعض ورق. أصدرتُ، حتّى 2004، أحد عشر كتابًا، سوادها شعر بعضه رديء جدًّا، وبعضها نثر لا يقلّ رداءة. وفي عتمة كمبيوتري مخطوطات تتحمّط، من زمان، للخروج إلى بعض نور طَلْق. قرأتُ معظم ما كتبتَ: شعرًا مفعللاً ونثرًا مفعفلاً. إضافة إلى أزفورات شعريّة ونثريّة، أكتب، من مرّة لمرّة، أطفورات ذوقيّة انطباعيّة، لا أجرؤ على اتّهامها حتّى بشبه نقديّة. وخشية أن أُسْلَق في خلقينة المتسلِّقين، لم أكتب فيك سطرًا واحدًا. وكان قبل حيفا، أن داهمتني شهوة للكتابة عن "حضرة الغياب". وجاء هدوء ما قبل العاصفة ليشحط البساط من تحت القلم. فقلت انتظر، يا ولد، إلى أن يعود البساط إلى عناصره الأوّليّة. محمود درويش، كان بعد "أوسلو" أن أتيتَ إلى عمّان ورام الله وحيفا والنّاصرة وكفر ياسيف. ولم أشأ أن أتطفّل على أحد ليعيرني رأس خيط إليك، لا بزيارة مفاجئة ولا حتّى بهاتف أقلّ مفاجأة. استنّى! تطفّلت مرّة: فَكْسَسْتُ تحيّة إلى شاشة "حوار العمر" مع جيزال خوري. وها أنذا أتطفّل، الآن هنا، وأحاول نوعًا من لقاء، أرجو أن يطبّ تحت يدك. سأنشر المدوّنة في أكثر من مطرح، لا طمعًا في تدريج متقدّم على أيّ "ريتنغ"، بل مضاعفةً لاحتمالات الطّببان تحت يدٍ لها حيلة (وحيل وخيل وليل). قبل أوسلو، زرتُ شقيقًا لك، هو الكاتب زكي درويش، وطلبت إليه أن أرى الّتي "يحنّ" محمود درويش "إلى خبزها وقهوتها". لم أستطع أن أمنع نفسي عن تقبيل يدها، لا لأنّها (فقط) أمّ شاعر أحبّ، بل لأنّي رأيت فيها أمّي الّتي غادرتنا قبل أن تغادرنا أنت بصيف أو اثنين. لستُ شاطرًا في الحساب. ويبدو أنّ اللّقاء والقبلة، أفرغا نسبة كبيرة من شحنة الرّغبة في التّعرّف إليك. فلم أعد (أغار) إذا ما حنّصني أحدهم بإنّه التقاك. غداة حيفا، سألت صديقًا: "هل قرأ محمود درويش "سجّل أنا عربيّ"؟! كان الجواب "لا". وكان حزني غاضبًا عليك. أو قل عاتبًا، لئلاّ يُؤخذ "غضبي" على محمل التّواطؤ مع الرّفيق الأعلى، وقد لا تتورّع جهة "إلحاديّة" في اتّهامي بالعمالة للعناية الإلهيّة. وهنا يندلع السّؤال: لماذا رفضت، يا محمود درويش، في أكثر من مناسبة، إلقاء ذائعة الصّيت ورائعة الصّوت، (سجّل أنا عربي)؟! انتصارًا لجديد جيّد؟! واحتقارًا لقديم رديء؟! كأنّي بك، في إخفائك القصيدة، كمن يخفي (ولدًا) غير سويّ عن عيون الزّائرين، مستنفرًا أشقاء له، أصحّاء/أسوياء، للتّسليم على الضّيوف، والجلوس في أحضانهم، والعبث بشواربهم ولحياتهم، وربّما إحراجهم بأسئلة مربكة. أفهم رفضك قراءة القصيدة في "عواصمنا" العاصمات المعصومات. ولكن، ماذا كان من الممكن أن يحدث لو قرأت، من ضمن ما قرأت في حيفا، "سجّل أنا عربي"؟! هل كانت ستسقط خشبة من سقف الأوديتوريوم، لا سمحت آلِهَةُ السّقوف والسّقيفات والأسقفيّات؟! كان من الممكن، برأيي غير المتواضع، أن (تضرب) أكثر من (حجرين) بـ (عصفور) واحد (دون تقاطع من جديد)، وعلى أكثر من صعيد، إنفراشعريًّا وأولتراسياسيًّا. تلميحيًّا/ تلويحيًّا، إعادة إنتاج "سجّل أنا عربي" (الإنسان)، حصرًا (وحصارًا) في هذا المكان (حيفا) وفي هذا الزّمان (عودة درويش)، تساهم، بالدّرجة الأولى، في استعادة شعر المقاومة لبعض "كرامة" مهدورة على مذبح الحداثة والمابعدالحداثة والمابعدبعدالحداثة، وسواها من تقليعات نيونقديّة. أرجو أن تقرأ ما بعد بعد السّطور، هنا، على ضوء "أنت منذ الآن غيرك"، دون الاستعانة بمترجم عن أيّة لهجة هندوآريانيّة. "سجّل أنا عربي"، هنا الآن، تقول للفلسطيني الثـّمانيأربعينيّ (المسلم والمسيحي والدرزي والجبهويّ والتّجمّعيّ والحركويّ): أنت عربيّ مئة بالمئة، رغمًا عن أنف بطاقة الهويّة الإسرائيليّة، في وقت نحن بأمس الحاجة إلى ذلك اجتماعيًّا وسياسيًّا، وجوديًّا ووجدانيًّا، توحيديًّا واتّحاديًّا. الجمهور العربي الفلسطيني في رقعتنا الثّمانيأربعينيّة، بحاجة لجرعة "سجّل أنا عربي" تردّه من كذا شغلات تقوقعه وتقفّصه وتقزّمه وتحجّمه بعيدًا عن حالة عروبة حضاريّة لبراليّة مشرقة يشكّل محمود درويش أحد رموزها البارزين. محمود درويش، لو كنتُ مستشارك الاستراتيجي لدقيقة واحدة، لأقنعتك (بثانية واحدة) بضرورة "سجّل أنا عربيّ" في حيفا. أمّا الثّواني الـ 59 المتبقّيات، أستثمرها في دردشة عن الشّعر والثّورة والوطن والمرأة. في المرّة القادمة، لن أتدبّر أمر البطاقة، دون أن تعدنا بـ "سجّل أنا عربيّ"! شكرًا مقدّمًا. وكن بخيرٍ وحبرٍ، أيّها الرّائع ما قبل قبل حيفا وما بعد بعد حيفا. حرفيش، أعالي الجليل، الأحد، 22 تمّوز (يوليو) 2007
دلال المغربي
{{}} عضو محترف {{}}
عدد الرسائل : 344 العمر : 38 البلد : فلسطين الوظيفة : طالبة تاريخ التسجيل : 14/08/2007
موضوع: رد: محمود درويش ما بعد بعد حيفا الخميس أغسطس 23, 2007 10:00 am
تحياتنا للشاعر محمود درويش
نضال
(( عضو وسام الشرف ))
عدد الرسائل : 820 البلد : فلسطين الوظيفة : طالب تاريخ التسجيل : 09/08/2007
موضوع: رد: محمود درويش ما بعد بعد حيفا الخميس أغسطس 23, 2007 12:07 pm