عدد الرسائل : 344 العمر : 38 البلد : فلسطين الوظيفة : طالبة تاريخ التسجيل : 14/08/2007
موضوع: الثقافة والفكر الجمعة سبتمبر 28, 2007 9:36 pm
إذا أردنا اختصار مفهوم الثقافة في تعريف عـام فسنقول .. أنها تـُمثـّل المظهر العام - للفكر والعقل والمصطلحات الأدبية والأخلاقية - المحلية المرحلية - للحصيلة المعرفية - التي تتواصل وتترابط وتتفاعل من خلالها مكونات مجتمع بشري .
كما يمكننا القول أن حُـذاق ورموز المجتمع والمتمردين على بعض أعرافه وواقعهم - هم الذين ينسفون قواعد ثقافته أو يُثـبّـتونها بالشكل واللون الذي يريدون ، وهم أنفسهم الذين يضعون أحجار الزوايا للمعالم الجديدة التي تضاف للثقافة .. ويقودون بها المجتمع وفق رؤاهم .. مستعملين أدوات البيئة ولغتها .
و أن دهماء المجتمع ورعاعه هـم الذين تـُغريهم أو تـُقنعهم أو تخدعهم وأحياناً تـُجبرهم .. تلك المعالم الثقافية -على رفع الأيادي تأييداً لها بسبب سطحية فهمهم لرسالتهم ومكانتهم في الحياة ؛ فيُعطون المستجدات أو التغيرات الثقافية - سواء أكانت إضافة أو حذفاً- سلبية أو إيجابية – يعطوها شرعية الحياة والبقاء بأصواتهم العددية لا الفكرية - حسب توافقها مع قدراتهم ومتطلباتهم المادية والمعنوية بما يتماشى مع بيئتهم .
وأن المثقفين هم أولئك الموهوبون الحائزون على كمٍ هائل من المعرفة والدراية بثقافات متعددة ، والقادرون على استحضارها بدقة وبأدلة وفهم - متى دعت الحاجة للاستدلال بها ؛ وهم المهيئون لبلوغ آفاق معرفية رحبة داخل بيئتهم وخارجها من تجارب ونظريات الآخرين .. مما أوجد لديهم خبرات متنوعة وتجارب عملية وبدائل معرفية في قوالب فكرية جاهزة .. يقيسون عليها ويحكمون بنتائج المقارنات على صلاح الأمور والآراء والنظريات - من فسادها ..
أما المفكرون فهم أشخاص- أفراد- وجدوا أنفسهم مفكرين ، وهم قلة عادة ؛ وهم لا يبذلون جهداً كبيراً في بلـوَرَة أفكارهم التي تخاطب عقل وضمير الإنسان بغض النظر عن بيئته وثقافته . والمفكرون تكفيهم قراءة العناوين ورؤوس الأقلام لمن - ولما - حولهم ، وكأن أصول الأمور ونظرياتها موجودة أصلاً في ذاكراتهم وبالصورة الصحيحة ، ولا يؤخر ظهورها سوى أوان الحاجة لها ؛ أو توافر البيئة المناسبة لظهورها - مكاناً وزماناً وسُـبُلاً . ويمتلك المفكرون آليات ومضادات فكرية طبيعية ومُـرشـّحات منطقية فطرية - تحـول دون ولوج سلبيات ومفاسد الثقافات إلى مراكز الصناعة الفكرية لديهم . فترى ثقافة المجتمع المغلوطة الملوثة الموجهة عمداً باتجاهات خاطئة لخدمة مصالح ورؤى البعض - تراها تحيط بهم ، وتجدهم يُبصرون من خلالها ، فلا تشير رؤاهم غالباً إلا لما يجب أن يكون .
وبالعودة إلى موضوعنا الرئيس .. الثقافة .. فإنني أقول : أن الثقافة هي كـمٌّ من مفاهيم مختلطة - خاطئة وصائبة - تتراكم في ذاكرة الإنسان فتتفاعل لتـَرْسُمَ في ذهنه تصوراتٍ مُسبقةٍ لما يجب أن تكون عليه الأمور أوان الفعل وعند ردة الفعل .. وذلك بفعل التأثير الطبيعي للبيئة الحياتية والاجتماعية عندما تتمكن من مخاطبة عقل الإنسان وعاطفته . والثقافة هي التي تُحدد للإنسان العادي- مبدئياً - أساسياته في التفكير وترجمة الأحداث والتعاطي مع الآخرين الذين لهم مفاهيمهم و زواياهم الفكرية المختلفة التي يحكمون من خلالها على الأمور والتي أوجدتها لديهم ثقافاتهم الخاصة بهم - هم الآخرون .
والثقافة بذلك تـُمثـّل الكيان المعنوي - للحياة - المحيط بالإنسان والذي يتوق العقل البشري الطبيعي بفطرته - لأن يُبدي تجاهه تفاعلاً وأن تكون له فيه بصمة فكـر .
فالثقافة ليست أمراً محدداً يمكن قولبته وتأطيره وفرضه بقرار فوقي ؛ كما أنها لا تنشأ بين عشية وضحاها ؛ وإنما هي امتداد لتطورات أفعال وأقوال جماعات بشرية في بيئة وأخرى .
والثقافة هي الصورة العامة الظاهرة المعبـّرة عن خفايا تفاعلات المجتمع بأفراده وجماعاته الصغيرة .
وسلوكيات الأفراد ونجاحهم من فشلهم هي إحدى أوضح النتائج الملموسة للثقافة .
وحتى وإن تعددت أمامنا تعريفات الثقافة فإن ذلك لا ينفي اعترافنا بأن لها مدلولٌ واحدٌ .
وقد لا يتصور البعض منا أنه لو تم وضع أيٍ من تعريفات الثقافة في قوالب نحوية مجازية مختلفة - بغية تحليله - فإنه سيأخذ شكل الفعل والفاعل والمفعول به والمفعول لأجله والصفة والخبر- في آنٍ معاً . لأن الثقافة عبارة عن آلية فاعلة ومتفاعلة - مجتمعية الطابع جماعية المُحـرّك - تؤثر على الكل سلباً وإيجاباً ، ويؤثر فيها البعض سلباً وإيجاباً . وهي تـظهر صادقة أمام الآخرين ، بينما تظهر أمام أهلها بما يُـريدون .. وليس غير المفكرين والمثقفين ينتبه إلى هذه اللعبة الثقافية الخطرة .
فالثقافة هي كـمُّ القناعات والرؤى والموروثات الأدبية - وتشمل المعارف والتعريفات والأعراف الاجتماعية والمسميات والآراء المتداولة - المصطلح على صوابها أو ضرورتها - في بيئة معينة - حيال الأمور التي تقود حركة المجتمع الإنساني في تلك البيئة - ببعديها المكاني والزماني ؛ وهي التي تـُحدد وتـُقـرّر استمرار تماسك المجتمع واستقراره - من عدمهما ؛ كما أنها تُحدد نقاط التوافق والتضاد في علاقات المجتمعات .
ورشاد الثقافة في بعدها الزمني يؤدي إلى بناء أرضية صالحة لبروز ونضوج وسيطرة الفكـر المبدع الخلاق - إيجاباً ، والذي يُنتج بدوره تماسكاً واستقراراً طبيعيين للمجتمع ، واللذين ينتجان بدورهما الحضارة في البعد المكاني للثقافة عند أرقى درجاتها الفكرية .. فالحضارة هي الثمرة المعنوية والمادية للثقافة القويمة الرشيدة . لأن الحضارة الإنسانية ليست سوى مجموع النتائج الإيجابية - المادية والمعنوية - المميزة في عصرها - لمجتمع بشري معين ؛ وهي المؤشر الحقيقي على صحة الثقافة وسلامتها في بعديها الزماني والمكاني .
ومن هنا فإن الثقافة هي التي تقود المجتمع باتجاه أفكار ورؤى رموزه وحذاقه ومتمرديه .
ويأتي دور المفكرين - وهم الذين يتفاعلون مع الثقافة ويؤثرون فيها ، فيهذبوها بأفكارهم ورؤاهم ، مستندين إلى الفطرة السليمة والمنطق الإنساني- ليحدوا من الطموحات السلبية لقادة وصنـّاع الثقافة وواضعي معالم مساراتها الجديدة ، كما يقوم المفكرون بترميم وتحديث وإعادة هيكلة القواعد السابقة للثقافة - من أجل أن تخدم مصالح المجتمع ككيان واحد وتـُحافظ على استقراره .. وتلك هي طريق الحضارة .
ناجي العلي
{{}} عضو نشيط {{}}
عدد الرسائل : 85 العمر : 43 البلد : فلسطين_حمامــــــــة الوظيفة : بطــــــــالة تاريخ التسجيل : 17/07/2007
موضوع: رد: الثقافة والفكر السبت سبتمبر 29, 2007 1:19 pm
لك على المجهود الرائع في قضايا تكاد تكون حساسة ومع ذلك قليلا ما يتم بحثها... وللاضافة فان الفكر يعرف بأنه:اعمال العقل في امر ما أما الثقافة في الموروث العام من التقاليد والقيم والتوجهات والنظريات وبمعنى عام هي كل ما هو موروث عبر تاريخ الشعوب لك مجددا والى مزيد ... وتحياتي الحارة لك....
kanaan
{{}} مشرف {{}}
عدد الرسائل : 533 البلد : Yiebna الوظيفة : Critic تاريخ التسجيل : 12/07/2007
موضوع: رد: الثقافة والفكر السبت سبتمبر 29, 2007 8:54 pm
مشكورة على المجهود يا اخت دلال ننتظر منك المزيد ,,,,